فنصروني، فكيف يقروا لعلي من بعدي؟ فانصرف عنه جبرئيل ثم نزل عليه " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك (1) ".
فلما نزلنا الجحفة وضربنا أخبيتنا (2) نزل جبرئيل بهذه الآية " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ينادي: أيها الناس أجيبوا داعي الله أنا رسول الله، فأتيناه مسرعين في شدة الحر، فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدمه من الحر، وأمر بقم ما تحت الدوح، فقم ما كان ثمة من الشوك والحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان وهو يريد أن يرحل من ساعته إلا ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من ألقم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يؤتى بأحلاس دوابنا وأقتاب إبلنا وحقائبنا (3)، فوضعنا بعضها على بعض، ثم ألقينا عليها ثوبا، ثم صعد عليها رسول الله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
يا أيها الناس إنه نزل علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل الإفك (4)، حتى جاءني في هذا الموضع وعيد من ربي إن لم أفعل، ألا وإني غير هائب لقوم ولا محاب لقرابتي، أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرئيل فاشهد حتى قالها ثلاثا ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فرفعه إليه ثم قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من واله وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله - قالها ثلاثا - ثم قال: هل سمعتم؟ فقالوا: اللهم بلى، قال:
فأقررتم؟ قالوا: بلى، ثم قال صلى الله عليه وآله: اللهم اشهد وأنت يا جبرئيل فاشهد، ثم نزل.
فانصرفنا إلى رحالنا وكان إلى جانب خبائي خباء لنفر من قريش وهم ثلاثة، ومعي حذيفة ابن اليمان، فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول: والله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الامر