أثخنتموهم فشدوا الوثاق) [4 / محمد: 47].
فلعله عليه السلام علم المراد قبل نزول هاتين الآيتين أو بواحدة منهما أو بغيرهما، فقد ظهر أن القتل المأمور به هو الإثخان فيه والإكثار منه وهذا غير صريح في النهي عن الأسر.
ولما دل الدليل على عدم صدور المعصية منه عليه السلام، تعين الحمل على ذلك. وقد حصل التوبيخ له صلى الله عليه وآله والعتاب في هذه الآية ولا وجه له حينئذ سوى أنه اجتهد وأخطأ في الاجتهاد.
وهذا تقريره على وجه ينطبق على ما نحن فيه.
وأنت خبير بأن الخطأ في الاجتهاد إما أن يكون ناشئا عن تفريط وتقصير يعد ذنبا ومعصية، أولا، بل يقع موجبا للثواب ومقتضيا للأجر الجميل، وعلى الأول فقد بطل استدلاله، إذ لو كان ذنب لا محالة لازما فأي دلالة في الآية على الاجتهاد والخطأ فيه.
وعلى الثاني، لم يصح ترتب العقاب على الفعل المندوب لا محالة، الموجب للأجر والثواب، ولا قائل بأن المخطئ في الاجتهاد تارك للأولى غير مستحق للثواب، ولا بأنه مع عدم تفريطه مستحق للعقاب إلا شرذمة قليلة لا يعبؤ بهم، ولم يبق أحد منهم على أن الكلام معهم هو الكلام على الاحتمال الأول.
وقول الفخر الرازي: إن الخطأ في الاجتهاد وإن كان حسنة، إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فلذلك حسن ترتب العقاب عليه، فيه نظر لأنه بعد تسليم صحة ترتب العقاب على الحسنة بناء على أن هاهنا ما هو أحسن منها، فلم لا يجوز أن لا يكون هاهنا خطأ في الاجتهاد؟ بل أصاب في اجتهاد وعلم الحسن والأحسن، واختار الحسن على علم منه. أفترى أنه يمتنع من النبي صلى الله عليه وآله ترك الأحسن والعمل بالحسن، إذا كان علمهما