وميز بينهما؟ وإنما لا يمتنع إذا لم يعلمهما وحسبهما متساويين، فلا توجب الأصلح والأحسن على الله سبحانه وتوجبه على النبي صلى الله عليه وآله.
وقد زعمت أن ترك الأحسن. والعمل بالحسن مما تكرر منه صلى الله عليه وآله، فقد رويتم أنه صلى الله عليه وآله عبس في وجه ابن أم مكتوم فعاتبه الله على ذلك، كما مر، وعندكم أنه محمول على ترك الأفضل أو الصغيرة.
و [رويتم أيضا أنه صلى الله عليه وآله] حرم مارية [القبطية] على نفسه، وعند أصحاب هذا القائل أنه صلى الله عليه وآله أذنب وأن قوله تعالى: (والله غفور رحيم) إيماء على العفو عن هذه الزلة، وأن قوله تعالى: (لقد تاب الله على النبي) [117 / التوبة:] 9] وأمره بالاستغفار في قوله: (واستغفر لذنبك) (1) وما روي أنه صلى الله عليه وآله كان يستغفر في اليوم والليلة سبعين مرة، محمول على الذنب. أو على ترك الأفضل والأولى.
ونظائر ذلك كثيرا، فما الذي كان باعثا على أن الله تعالى خالف عادته في ترك النكير عليه، وبهذا يعلم أن هذا العتاب والإنكار ليس مبنيا على ترك الأحسن، سواء أنشئ عن اجتهاد أو غيره.
وبما ذكرنا، يعلم جواب عن قولهم إنه صلى الله عليه وآله كان مأمورا بالقتل والأسر ضده وليس لأحد أن يقول: إن الأمر تناول حال الحرب وما بعده، ولو كان بغير اختيار النبي صلى الله عليه وآله، فلا ريب في أن إبقاءهم بعد الحرب كان باختياره، وهو مناف للأمر بالقتل لأنا نقول: الأمر بالقتل كان مقيدا بحال المحاربة كما هو المتبادر من قوله [تعالى]: (فإذا لقيتم الذين كفروا