حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [67 - 68 / الأنفال: 8].
قالوا: لولا أنه أخطأ في أخذ الفدية لما عوتب على ذلك.
وقد يقال إن مدلول هذه الآية نهي عن الأسر وقد وقع الأسر بلا شبهة.
وأيضا قد أمر بالقتل والأسر ضده، وقد روي أن عمر بن الخطاب دخل على رسول الله فإذا هو وأبو بكر يبكيان فقال: يا رسول الله أخبرني فإن أجد بكاء بكيت. فقال: أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء، ولقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة [وأشار] بشجرة قريبة منه. والبكاء ونزول العذاب قريبا دليلان على الخطأ.
وهذا أقصى ما قالوه في تقرير هذه الشبهة فنقول [في جواب هذه الشبهة]:
أما الأسر فلعله كان منهيا عنه ولم يأسر رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا، وإنما أمر بالقتل فخالفوه على ما ذكره السيد [المرتضى] رضي الله عنه في كتاب تنزيه الأنبياء.
ويرد على ذلك أن أمير المؤمنين أسر عمرو بن أبي سفيان أخا معاوية على ما جاءت به الرواية، وأشار عليه السلام إليه في كتابه إلى معاوية، فلو كان الأسر منهيا عنه لم يفعله علي عليه السلام.
ويمكن أن يكون الأسر [في الواقع كان] منهيا عنه بالنسبة إلى كل أحد مقيدا بالغاية المذكورة في الآية، وإذا انتهى الرجل إلى الغاية صح منه الأسر، وقد كان علي عليه السلام أثخن في الأرض حتى أنه قتل ما يقرب من نصف عدد القتلى، وغيره ما كان بلغ معشار ما بلغ صلوات الله عليه.
أو يقال: لعل الإثخان كان حاصلا حين أسر علي عليه السلام من أسر ولم يكن حاصلا حين أسر غيره.