جارة "، وهي مروية في كتبهم أيضا عن ابن عباس، [و] في معناه عن طرقنا أخبار كثيرة، فلعل ذلك كان بإشارة الأصحاب الذين تقول فيهم ما تقول، ونزلت الآية عتابا لهم وردا عليهم لقلة نصحهم وسوء صنيعهم.
وقد مر في هذا الكتاب أشباهها من قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله:
(لئن أشركت ليحبطن عملك) [65 / الزمر: 39] وقوله سبحانه مخاطبا لعيسى عليه السلام: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) [116 / المائدة: 5] وللتعريض باب عريض، فلا يستبعد كون المراد بالآية المذكورة تعريضا وتوبيخا لمن حمله عليه السلام على الإذن وألجأه إليه وصنع ما انقلبت معه المصلحة عن وجهها وانعكس أمرها وانحصرت في الإذن إلى غير ذلك.
ثم نقول لهؤلاء القوم: لا يخلو النبي صلى الله عليه وآله في إذنه لهم من جهة الخطأ في الاجتهاد من أن يكون آثما أو تاركا للأولى، أو لا هذا ولا هذا، بل إما مثابا مأجورا أو فاعلا مباحا والأول خلاف الإجماع، ولم يظهر قائل بالثاني أيضا بل المشهور هو الثالث.
فإن كان استعمل لفظ العفو والمعاتبة معه صلى الله عليه وآله، من جهة أنه ترك الأولى، فقد خرجنا وهؤلاء الخصوم رأسا برأس، فإن المشهور عند أصحابنا الإمامية حمل هذه الآية وأمثالها على ترك الأولى بدون أن يكون خطأ في الاجتهاد، بل يكون تعمدا لترك الأولى عندهم، كما يحملون خطيئة آدم عليه السلام مع ما وقع عليها من المعاتبات وغيرها على ترك الأولى، فلا ترجيح معهم.
وإن كان من جهة الخطأ في الاجتهاد بدون أن يكون هناك ترك للأولى، بل إما أن يكون فعل فعلا مباحا أو أتى بنافلة وعمل بمندوب وأطاع الله فيما أمره به وأقام وظيفة عبادته، فلينصفوا حينئذ من أنفسهم، ولينظر اللبيب في أنه هل يكون استعمال لفظ العفو وإيقاع المعاتبة في صورة ترك الأولى عمدا أحسن موقعا أم استعماله في خطأ وقع أثناء الاجتهاد؟ مع أنه لم يفعل فعلا