نعم لو كان ينزل على أبي بكر خاصة لكان له وجه، لأنه هو المشير على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الرأي والمزين له.
ومفهوم الاستثناء المذكور في روايتهم الأخرى، حيث قال: " لو نزل العذاب لما نجا منه إلا عمر ". يدل على أنه كان يتناوله صلى الله عليه وآله، فبين الروايتين نوع من التنافي.
ومن ذلك ظهر أن الرواية بأن تكون دليلا على نقيض مدعاهم، أولى منها بأن تكون دليلا لهم، ولو صح البكاء، لكان رحمة عليهم لما ذكرنا من الأسر الواقع منهم.
ومنه هاهنا ظهر أن بين ما تضمنته الرواية من تخصيص البكاء في العذاب بهم وجعله بإزاء أخذ الفداء تنافيا.
وقول الفخر الرازي: " أن بكاءه صلى الله عليه وآله كان لخطأ في الاجتهاد، وحسنات الأبرار سيئات المقربين " فيه نظر من وجهين.
الأول: إنه لا معنى للبكاء على فعل الطاعة وما يوجب الثواب.
والثاني: إنه لا وجه لبكائه صلى الله عليه وآله على الأصحاب لخطأ نفسه، وهل رأيت أحدا يبكي على غيره لذنب نفسه!؟ فهذا في غاية الظرافة.
ولا يتوهم أن العذاب علق في الآية على الأخذ لا على الأسر، لأن الأخذ يستعمل في كل فعل ولا يختص بما يؤخذ، إلا إذا وصل بكلمة " من " الجارة، ولا صلة في الآية [الكريمة].
ولنكتف من رد شبههم بما تعلق بهاتين الآيتين الشريفتين، فإنهما عمدة تمسكوا به.
وأما ما تمسكوا به من الأخبار، فجوابها أظهر من أن يتعرض له، مع أن أكثرها مما لم يثبت عندنا، ونحن في فسحة من ردها ومنع صحتها.