قالوا: بل نأخذ الفدية ونستعين بها ويستشهد منا من يدخل الجنة، فقبل منهم الفداء، وقتل من المسلمين قابلا عدتهم.
وطعن من طعن في هذا الحديث بأنه ينافي العتاب على أخذ الفداء من باب الطعن بالمجهول على المعلوم.
مع أن ابن حجر ذكر في شرحه لصحيح البخاري أن الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم رووه عن علي عليه السلام بإسناد صحيح.
ويدل عليه أيضا، أن إبقاء الأسرى قد كان بإذنه وما كان يسع المرؤوس، إذا أذن الرئيس وأمر أن خالف ويختار، [لا] سيما في مثل هذا الخطب الجليل والشأن العظيم، خصوصا بعد ما أبرم مرائر أمر أتباعه وطاعته، وأوعد على معصيته في الكتاب الكريم، فكانت التبعة على الآذن المطاع والآمر الواجب الاتباع، ولكان هو المستحق لتوجه العتاب والتقريع ولم يقع الأمر كذلك، بل خصوا بالعتاب والتهديد دونه صلى الله عليه وآله، وغاية الأمر أن يعمه صلى الله عليه وآله معهم، وكذلك استشارة النبي صلى الله عليه وآله أصحابه في أمر الأسارى وأخذ الفداء منهم، دليل على أنه لم يكن النص تناوله، ولو كان خاصا أو عاما تناوله، فكيف غفل النبي صلى الله عليه وآله عنه مع طول مدة المشورة والبحث عن أمرهم؟ حتى روي أن أبا بكر وعمر كلماه متناوبين متعاقبين مرارا عديدة، وأن النبي صلى الله عليه وآله دخل خيمته ثم بعد أمة خرج واستأنف أمر المشورة، وكان الناس يخوضون في كلامهما ويقول قائل: القول ما قال أبو بكر. وقائل: القول ما قال عمر.
ورووا أنه تمثل لهما بالملائكة وحالهم وحال عدة من الأنبياء عليه السلام، وتلا عدة من الآيات أفلم يخطر بباله تلك الآية النازلة في الواقعة التي هو بصددها.
وتذكر الآيات النازلة في شأن الأنبياء عليهم السلام ووقائعهم، حتى تمثل بها لأبي بكر وعمر.