مرجوحا بل إما مباحا، ولعل من له أدنى حظ من الإدراك لا يرتاب في أن تأويل الإمامة أقرب بمراتب وأولى بدرجات كثرة.
ومما ينبغي أن يعلم أن قوله صلى الله عليه وآله وإذنه لهم من حيث إنه قول وحكم لا يوصف بأنه ترك الأولى، لأن الحكم من حيث إنه حكم كان أمرا مطابقا للواقع من جملة أحكامه عليه السلام، فكان القعود لهم جائزا بحسب الواقع، وإنما كان ترك الأولى في إظهاره لهم وعدم منعهم من القعود.
ويحتمل أن يقال: لم يكن قعودهم جائزا في الواقع، بل كان الواجب عليهم أن يخرجوا إلى الجهاد، لكن كان الأولى له أن يمنعهم ولا يأذن لهم.
ولا استبعاد في أن يكون قعودهم محرما وإذنه عليه السلام بحسب ما يظهرونه من الأعذار ويتعللون بالعلل جائزا، فرب أمر كان في الواقع حراما والإذن فيه من حيث الظاهر جائزا، كما سيأتي أن أمير المؤمنين عليه السلام، سلم من شهد عليه شاهدان بالسرقة إليهما ليقطعاه فأرسلاه وفرا، مع أن قطعه كان محرما عليهما، وأن النبي صلى الله عليه وآله أذن لأهل الذمة أن يقروا على مذهبهم ويستمروا على دينهم مع أنه محرم عليهم.
وأذن لعثمان في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، مع أنه كان على عثمان أن لا يستأذنه صلى الله عليه وآله وأن لا يؤمنه.
وأذن أمير المؤمنين عليه السلام [ل] طلحة والزبير في الخروج إلى العمرة، مع أنه كان يعلم أنه محرم عليهما وكان يتظاهر بذلك.
غاية ما في الباب، أن يكون عدم الإذن فيما نحن فيه أولى، وإذنه تركا للأولى، فإذا جاز أن يكون الإذن في المحرم جائزا مباحا فأولى أن يكون تركا لأولى.
[الشبهة] الثانية: قوله تعالى: (ما كان للنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز