فضرب الرقاب) [4 / محمد: 47] فإن الظاهر من الأمر بضرب الرقاب وقت اللقاء وهو حال الحرب، ولا يسمى ما بعد الحرب وحصول الأسرى مكتوفين بأيدي الخصوم وتبدد شملهم وزوال فئتهم عن مراكزهم، لقاء.
وأيضا المتبادر من مثل هذه العبارة حدثان ذلك الفعل وفواتحه، لا أواخره، وإن دام على أن ضرب الأطراف الذي فسر به ضرب البنان غير معهود من صاحب الشرع في الأسير، فإنه يجري مجرى المثلة، وإنما يجوز وقت التحام الحرب وحين المسايفة.
وربما قيل: إن الأسر أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله حيث قال عز من قائل: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) [67 / الأنفال: 8] ولولا أن الأسر وقع بأمره وإذنه، ما كان يضاف إليه صلى الله عليه وآله.
وأجاب عنه السيد [المرتضى] رضي الله عنه بأن الأصحاب إنما أسروهم ليكونوا في يده صلى الله عليه وآله، فهم أسراؤه صلى الله عليه وآله ومضافون إليه وإن كان لم يأمرهم بأسرهم. انتهى.
ونظيره قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) [1 / الطلاق: 65] مع أن المطلق لغير العدة كان عبد الله بن عمر، ولم يأمره صلى الله عليه وآله بذلك الطلاق، وقد أضيف إليه الطلاق وخص بالخطاب.
ومما يدل على أن إبقاء الأسرى لم يكن إثما، ما روى الواقدي عن علي عليه السلام أنه كان يحدث ويقول: أتى جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر فخيره في الأسرى بين أن يضرب أعناقهم، أو يأخذ منهم الفداء ويستشهد من المسلمين في قابل عدتهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه وقال: هذا جبرئيل يخيركم في الأسرى بين أن يضرب أعناقهم، أو تؤخذ منهم الفدية ويستشهد منكم قابلا عدتهم بأحد.