كان رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة أبي بكر في جواز الخطأ عليه، لم يكن لهذه التبرئة والتنزيه وجه.
الحادي والعشرون: ما روي عن ابن مسعود أنه قال: في المفوضة:
" أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان ".
وهذا التفصيل قاطع للشركة، وهاتان الروايتان مشهورتان، أوردهما العلماء في كتب الأصول واستدلوا بهما على مسائل من أحكام الاجتهاد، ومن جملتها كتاب الأحكام للآمدي.
الثاني والعشرون: قول عمر ن الخطاب: " أيكم يرضى أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله " أو ما في معناه كما سبق. وقوله [الآخر]: " رضيك لأمر ديننا أفلا نرضاك لأمر دنيانا ".
ولا يخفى أن الصلاة إما من الأحكام والأمور التي يجوز فيها الاجتهاد ويحتمل الخطأ، أو مما يكون بوحي إلهي لابد منه.
فعلى الأول لا وجه للاستدلال به، لأن لهم حينئذ أن يقولوا: نحن قد اجتهدنا ورأينا أن الصواب في ضد ما فعله صلى الله عليه وآله، وأن الأوفق بالمصلحة خلاف ما رآه، ولا يمتنع ذلك عليه ولا نرضى بذلك، وأي استبعاد في هذا الرضا؟ وإنما يصح هذا الاستبعاد فيما لا يجوز فيه الخطأ ولا يتطرق إليه البطلان.
ولئن قيل: إن الغالب عليه الصواب وإن جاز الخطأ أحيانا، وما يغلب عليه الصواب ينبغي أن يحترز ويجتنب تركه، والمركوز في العقول التباعد عن مخالفة مثله، لأن الخطأ مظنون فيها.
قلنا: إما أن يكون الأنصار نازعت أبا بكر وادعت الإمامة لنفسها بدون متمسك واجتهاد، أو رأته كذلك وقالت ما قالت عن شبهة تعتقدها دليلا