وقد قال السيد [المرتضى]: قدس سره: إنهم لما تباعدوا عن العريش وعن مرائه صلى الله عليه وآله، أسروا من أسروا من المشركين بغير علمه صلى الله عليه وآله ولا يبعد أن يكون هو عليه السلام لم يأسر حتى في الكفار وانهزموا وتباعدوا وانتهى الأمر إلى آخره ووضعت الحرب أوزارها، فحينئذ أسر من أسر.
ويمكن أن يكون هذا الأسر مستثنى من العام لحكمة تعلقت به، وقد افتكوا به رجلا من الأنصار، وكان حبسه أبو سفيان بابنه وكان الغرض من الأسر هو هذا، والقرينة على أن مثله مخصوص من العام أن التوبيخ في الآية تعلق بإرادة الدنيا وحطامها وأعراضها، ولو لم يكن المقصود من الأسر العرض الأدنى والنصيب الأخس والمطلب الأركس لم يكن داخلا في النهي.
واعلم أن حديث الأسر وكونه منهيا عنه ساقط فيما نحن فيه من الاجتهاد وكونه واقعا على وجه الخطأ، وإنما يتجه التمسك به في نفي العصمة، فإن القائل بأن الاجتهاد وقع خطأ، لا يقول بأنه وقع مخالفة للنص وعلى وجه المعصية حتى يكون مما يستحق عليه العذاب العظيم والذي يتمسك به في معصية النبي صلى الله عليه وآله لا يقول بأنه وقع على سبيل الخطأ في الاجتهاد.
ويمكن أن يوجه بأن النهي إنما حصل بهذه الآية ولم يكن نهي صريح سابقا كيف والاتفاق حاصل على أنه لم يكن هناك نهي ونص.
وأما الأمر بالقتل في قوله تعالى: (فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) [12 / الأنفال: 8] فالمراد به الكثرة لا محالة، لا عموم [ضرب] أعناق الكفار بلا خلاف، فالقتل المدلول عليه بالآية لا ينافي الأسر.
ومما يدل على أن المراد به الكثرة، هذه الآية، فإنها كالمفسرة لتلك، وكذلك قوله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا