و [ما قال] أنا اليوم إمام القوم أولى منهم بذلك، ولو ساغ ما قلتم، استحال أن يتغافل عنه عثمان أو غفل هو وأتباعه والمصححون لما فعله في عصره، ولو احتج واعتل بذلك، استحال في العادة أن لا ينقل إلينا ولم ينقل.
[الوجه] السادس والعشرون: أنه لما كلم عثمان أبا بكر وعمر في رد الحكم، أغلظا له القول وزبراه وقال له عمر: يخرجه رسول الله صلى الله عليه وتأمرني أن أدخله!؟ والله لو أدخلته لم آمن أن يقول قائل: غير عهد رسول الله صلى عليه، والله لئن أشق باثنتين كما تشق الآبلة - وهو خوص المقل - أحب إلي من أن أخالف لرسول الله صلى الله عليه أمرا، وإياك يا ابن عفان أن تعاودني فيه بعد اليوم.
ولو جاز مخالفته صلى الله عليه وآله بالاجتهاد، لم يكن لعمر أن يرد قول عثمان ويدفعه بأنه مخالفة الرسول صلى الله عليه وآله، وأن شقه باثنتين أحب إليه منها، بل كان ينبغي أن يناظره ويحجه بطريق الاجتهاد وسنة النظر ومراعاة المصالح والمفاسد، ويرى عثمان وجه خطئه، وأنه في أي موضع من مقدمات الاجتهاد وقعت له الغفلة وحصل منه الإهمال، وما نراه فعل هو ذلك ولا أبو بكر.
السابع والعشرون: قول عمر بعد ما سمع الخبر في دية الجنين: " لو لم نسمع لقضينا فيه بغير هذا ".
وروي أنه قال: " نقضي فيه برأينا ". فدل على أنه كان يترك الرأي بخبر الواحد، ولم ينكر على عمر أحد قوله وكان يرى التفاوت في دية الأصابع، فرجع عن رأيه بخبر عمرو بن حزم، أن في كل إصبع عشرة.
الثامن والعشرون: حديث أبي الدرداء حيث روى نهي رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع أواني الذهب والفضة بأكثر من وزنها. فقال معاوية:
لا أرى بذلك بأسا.