الفتنة قد وقعت. فأتاه فأخبره فقال الأشتر: أبرفع هذه المصاحف (1) قال:
نعم. قال: أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة إنها مشورة ابن النابغة ثم قال ليزيد بن هانئ: ويحك ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟ فقال له: يزيد أتحب أنك ظفرت ها هنا وأن أمير المؤمنين عليه السلام بمكانه الذي هو فيه يفرج عنه ويسلم إلى عدوه؟ فقال: سبحان الله لا والله لا أحب ذلك. قال: فإنهم قد قالوا له وحلفوا عليه: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلى عدوك.
فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح: يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها وقد والله تركوا ما أمر الله فيها وتركوا سنة من أنزلت عليه فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا فإني قد أحسست بالفتح. قالوا: لا نمهلك. قال: فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر. قالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك قال: فحدثوني عنكم وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم متى كنتم محقين؟ أحين كنتم تقتلون أهل الشام؟
فأنتم الآن حيت أمسكتم عن قتالهم مبطلون؟ أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقون؟ فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وأنهم خير منكم في النار قالوا:
دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا فقال: خدعتم والله فانخدعتم ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم يا أصحاب الجباه السود كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابهم وصاح بهم علي عليه السلام فكفوا.