وهو يقول: اصبروا يا معشر المؤمنين فقد حمي الوطيس ورجعت الشمس من الكسوف واشتد القتال وأخذت السباع بعضها بعضا.
فقال رجل في تلك الحال: أي رجل هذا لو كانت له نية؟! فقال له صاحبه: وأي نية أعظم من هذه ثكلتك أمك وهبلتك إن رجلا فيما قد ترى قد سبح في الدماء وما أضجرته الحرب وقد غلت هام الكماة من الحر وبلغت القلوب الحناجر وهو كما تراه جذعا (1) يقول هذه المقالة اللهم لا تبقنا بعد هذا.
449 - قال نصر: وروى الشعبي عن صعصعة أنه بدر من الأشعث بن قيس ليلة الهرير قول نقله الناقلون إلى معاوية فاغتنمه وبنا عليه تدبيره وذلك أنه خطب أصحابه من كندة تلك الليلة وقال في خطبته: قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي وقد فنى فيه من العرب فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قط ألا فليبلغ الشاهد الغائب وإنا إن نحن تواقفنا غدا إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات.
[أ] و [قال] نحو ذلك مما يخذلهم عن القتال.
فلما بلغ ذلك معاوية قال: أصاب ورب الكعبة فدبر تلك الليلة ما دبر من رفع المصاحف على الرماح فأقبلوا بالمصاحف ينادون كتاب الله بيننا وبينكم.