فدعا علي عليه السلام ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فركبها ثم تعصب بعمامة رسول الله صلى الله عليه وآله ونادى: أيها الناس من يشري نفسه لله؟ إن هذا يوم له ما بعده فانتدب معه ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألفا فتقدم علي عليه السلام وقال:
دبوا دبيب النمل لا تفوتوا * وأصبحوا في أمركم وبيتوا حتى تنالوا الثأر أو تموتوا وحمل الناس كلهم حملة واحدة فلم يبق لأهل الشام صف إلا أزالوه حتى أفضوا إلى معاوية فدعا معاوية بفرسه ليفر عليه فكان معاوية بعد ذلك يحدث ويقول لما وضعت رجلي في الركاب ذكرت قول عمرو بن الاطنابة:
أبت لي عفتي وأبى بلائي * وأخذي الحمد بالثمن الربيح وإقدامي على المكروه نفسي * وضربي هامة البطل المشيح وقولي لكما جشأت وجاشت * مكانك تحمدي أو تستريحي فأخرجت رجلي من الركاب وأقمت ونظرت إلى عمرو فقلت له: اليوم صبر وغدا فخر. فقال: صدقت فكان ذلك يوم الهرير ورفعت المصاحف بعده.
وروى إبراهيم [بن ديزيل] عن ابن لهيعة (1) عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط قال: شهدنا صفين فمطرت السماء علينا دما عبيطا.
قال: وفي حديث الليث بن سعد: إن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية.
وفي حديث ابن لهيعة: حتى أن الصحاف والآنية لتمتلئ ونهريقها وذلك في يوم الهرير وفزع أهل الشام وهموا أن يتفرقوا فقام عمرو بن العاص فيهم فقال: أيها الناس إنما هذه آية من آيات الله فأصلح أمرؤ ما بينه وبين الله ثم لا عليه أن ينتطح هذا الجبلان فأخذوا في القتال.