فكتب إليه علي عليه السلام أما بعد فإن الذي أعجبك من الدنيا مما نازعتك إليه نفسك ووثقت به منها لمنقلب عنك ومفارق لك فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة ولو اعتبرت بما مضى لحفظت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به والسلام.
فأجابه عمرو: أما بعد فقد أنصف من جعل القرآن إماما ودعا الناس إلى أحكامه فاصبر أبا حسن فإنا غير منيليك إلا ما أنالك القرآن والسلام.
قال نصر: وجاء الأشعث إلى علي عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين ما أرى الناس إلا وقد رضوا وسرهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد ونظرت ما الذي يسأل؟ قال:
أئته إن شئت فأتاه فسأله: يا معاوية لأي شئ رفعتم هذه المصاحف؟ قال:
لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به فيها فابعثوا رجلا منكم ترضون به ونبعث منا رجلا ونأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله ولا يعدوانه ثم نتبع ما اتفقا عليه. فقال الأشعث: هذا هو الحق وانصرف إلى علي عليه السلام فأخبره فبعث علي عليه السلام قراء من أهل العراق وبعث معاوية قراء من أهل الشام فاجتمعوا بين الصفين ومعهم المصحف فنظروا فيه وتدارسوه واجتمعوا على أن يحيوا ما أحيا القرآن ويميتوا ما أمات القرآن ورجع كل فريق إلى صاحبه فقال أهل الشام: إنا قد رضينا واخترنا عمرو بن العاص. وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد: وقد رضينا نحن واخترنا أبا موسى الأشعري. فقال:
لهم علي عليه السلام: فإني لا أرضى بأبي موسى ولا أرى أن أوليه. فقال الأشعث وزيد بن حصين ومسعر بن فدكي في عصابة: إنا لا نرضى إلا به فإنه قد كان حذرنا ما وقعنا فيه! فقال عليه السلام: فإنه ليس لي برضا وقد فارقني وخذل الناس عني وهرب مني حتى آمنته بعد أشهر ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك. قالوا: والله ما نبالي أكنت أنت أو ابن عباس ولا نريد إلا رجلا هو منك