فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد شاكي السلاح سيوفهم على عواتقهم وقد اسودت جباههم من السجود يتقدمهم مسعر بن فدكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين [قالوا:] يا علي أجب القوم إلى كتاب الله إذا دعيت إليه وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان فوالله لنفعلنها إن لم تجبهم.
فقال لهم [علي عليه السلام]: ويحكم أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب إليه وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن أدعا إلى كتاب الله فلا أقبله إني إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم ونقضوا عهده ونبذوا كتابه ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم وأنهم ليس العمل بالقرآن يريدون.
قالوا: فابعث إلى الأشتر ليأتيك. - وقد كان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله -.
450 - قال نصر: فحدثني فضيل بن خديج قال: سأل مصعب [ابن الزبير] إبراهيم بن الأشتر عن الحال كيف كانت؟ فقال: كنت عند علي عليه السلام حين بعث إلى الأشتر ليأتيه وقد كان الأشتر أشرف على عسكر معاوية ليدخله فأرسل إليه علي عليه السلام يزيد بن هانئ أن ائتني فأتاه فأبلغه فقال له الأشتر: آتيه فقل له ليس هذه الساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني. فرجع يزيد إليه عليه السلام فأخبره فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت دلايل الفتح والنصر لأهل العراق ودلائل الخذلان والادبار على أهل الشام فقال القوم لعلي: ما نراك أمرته إلا بالقتال!! قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟ أليس إلا كلمته على رؤوسكم (1) علانية وأنتم تسمعون؟ قالوا: فابعث إليه فليأتك وإلا والله اعتزلناك. فقال: ويحك يا يزيد قل له: أقبل إلي فإن