وعن ابن عباس قال: حدثني معاوية إنه كان يومئذ قد قرب إليه فرس له أنثى بعيدة البطن من الأرض ليهرب عليها حتى أتاه آت من أهل العراق فقال له: إني قد تركت أصحاب علي عليه السلام في مثل ليلة الصدر من منى فأقمت.
قال نصر وإبراهيم أيضا: وكتب معاوية إلى علي عليه السلام: أما بعد إن هذا الامر قد طال بيننا وبينك وكل منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر وقد قتل فيما بيننا بشر كثير وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى وإنا سوف نسأل عن هذه المواطن ولا يحاسب به غيري وغيرك وقد دعوتك إلى أمر لنا ولك فيه حياة وعذر وبراءة وصلاح للأمة وحقن الدماء وذهاب للضغائن والفتن وأن تحكم بيني وبينك حكمين مرضيين أحدهما من أصحابي والآخر من أصحابك فيحكمان بيننا بما أنزل الله فهو خير لي ولك واقطع لهذه الفتن فاتق الله فيما دعيت إليه وارض بحكم القران إن كنت من أهله والسلام.
فكتب إليه علي عليه السلام.
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فإن أفضل ما شغل به المرء المسلم نفسه اتباع ما حسن به فعله واستوجب فضله وسلم من عيبه، وإن البغي والزور يزريان بالمرء في دينه ودنياه ويبديان من خلله عند من يغنيه ما استرعاه الله ما لا يغني عنه تدبيره.
فاحذر الدنيا فإنه لا فرح في شئ وصلت إليه منها ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضى فواته وقد رام قوم أمرا بغير الحق وتأولوه على الله جل وعز فأكذبهم ومتعهم قليلا ثم اضطرهم إلى عذاب غليظ.
فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله ويندم فيه من أمكن الشيطان من قيادة ولم يحاده وغرته الدنيا واطمئن إليها.