قال نصر: وكان كل واحد من علي ومعاوية يخرج الرجل الشريف في جماعة ويقاتل مثله وكانوا يكرهون أن يزاحفوا بجميع الفيلق مخافة الاستيصال والهلاك فاقتتل الناس ذا الحجة كله فلما انقضى تداعوا إلى أن يكف بعضهم عن بعض إلى أن ينقضي المحرم لعل الله أن يجري صلحا أو اجتماعا فكف الناس في المحرم بعضهم عن بعض.
قال نصر: حدثنا عمر بن سعد عن أبي المجاهد (1) عن المحل بن خليفة قال: لما توادعوا في المحرم اختلف الرسل فيما بين الرجلين رجاء الصلح فأرسل علي عليه السلام إلى معاوية عدي بن حاتم وشبث بن ربعي ويزيد بن قيس وزياد بن خصفة فلما دخلوا عليه حمد الله تعالى عدي بن حاتم وأثنى عليه وقال:
أما بعد فقد أتيناك لندعوك إلى أمر يجمع الله به كلمتنا وأمتنا ويحقن دماء المسلمين ندعوك إلى أفضل الناس سابقة وأحسنهم في الاسلام آثارا وقد اجتمع له الناس وقد أرشدهم الله بالذي رأوا وأتوا فلم يبق أحد غيرك وغير من معك فانته يا معاوية من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل.
فقال له معاوية: كأنك إنما جئت متهددا ولم تأت مصلحا هيهات يا عدي إني لابن حرب ما يقعقع لي بالشنان (2) أما والله إنك من المجلبين على عثمان وإنك لمن قتلته وإني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله.
فقال له شبث بن ربعي وزياد بن خصفة وتنازعا كلاما واحدا: أتيناك فيما يصلحنا وإياك فأقبلت تضرب لنا الأمثال دع ما لا ينفع من القول والفعل وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه.