أهل الشام هذا والله أول الظفر لا سقاني الله ولا أبا سفيان إن شربوا منه أبدا حتى يقتلوا بأجمعهم عليه وتباشر أهل الشام.
فقام إلى معاوية رجل من أهل الشام همداني ناسك يقال له المعري بن الأقبل فقال: يا معاوية سبحان الله ألان سبقتم القوم إلى الفرات تمنعونهم الماء؟ أما والله لو سبقوكم إليه لسقوكم منه، أليس أعظم ما تنالون من القوم أن تمنعونهم [فرضة من] الفرات فينزلون على فرضة أخرى فيجازونكم بما صنعتم!
أما تعلمون أن فيهم العبد والأمة والأجير والضعيف ومن لا ذنب له؟
هذا والله أول الجهل. فأغلظ له معاوية.
قال [نصر]: ثم سار [الرجل] الهمداني في سواد الليل حتى لحق بعلي عليه السلام ومكث أصحاب علي عليه السلام بغير ماء واغتم عليه السلام بما فيه أهل العراق من العطش فأتى الأشعث عليا فقال: يا أمير المؤمنين أيمنعنا القوم ماء الفرات وأنت فينا والسيوف في أيدينا؟ خل عنا وعن القوم فوالله لا نرجع حتى نرده أو نموت ومر الأشتر يعلو بخيله ويقف حيث تأمر فقال علي عليه السلام ذاك إليكم.
فنادى الأشعث في الناس من كان يريد الماء [أ] والموت فميعاده موضع كذا فإني ناهض فأتاه إثنا عشر ألفا من كندة وأفناء قحطان واضعي سيوفهم على عواتقهم فشد عليه سلاحه ونهض بهم حتى كاد [أن] يخالط أهل الشام وجعل يلقي رمحه ويقول لأصحابه: بأبي وأمي وأنتم تقدموا إليهم قاب رمحي هذا (1) فلم يزل ذلك دأبه حتى خالط القوم وحسر عن رأسه ونادى: أنا الأشعث بن قيس خلوا عن الماء فنادى أبو الأعور: أما والله حتى لا تأخذنا وإياكم السيوف فلا فقال الأشعث: قد والله أظنها دنت منا ومنكم.