ثم قال: يا معاوية قد فهمت ما رددت على ابن محصن إنه لا يخفى علينا ما تطلب إنك لا تجد شيئا تستغوي به الناس وتستميل به أهواءهم إلا أن قلت لهم: قتل إمامكم مظلوما فهلموا نطلب بدمه فاستجاب لك سفلة طغام رذال وقد علمنا أنك أبطأت عنه بالنصر وأحببت له القتل لهذه المنزلة التي تطلب ورب مبتغي أمرا وطالب له يحول الله دونه وربما أوتي المتمني أمنيته وربما لم يؤتها ووالله مالك في واحدة منهما خير والله إن أخطأك ما ترجو إنك لشر العرب حالا ولئن أصبت ما تتمناه لا تصيبه حتى تستحق صلى النار فاتق الله يا معاوية ودع ما أنت عليه ولا تنازع الامر أهله.
فحمد معاوية الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فإن أول (1) ما عرفت به سفهك وخفة حلمك قطعك على هذا الحسيب الشريف سيد قومه منطقه ثم عنفت بعد فيما لا علم لك به ولقد كذبت ولو مت أيها الاعرابي الجلف الجافي (2) في كل ما وصفت انصرفوا من عندي فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف وغضب.
فخرج القوم وشبث يقول: أعلينا تهول بالسيف؟ أما والله لنعجلنه إليك.
قال نصر: وخرج قراء أهل العراق وقراء أهل الشام فعسكروا في ناحية صفين في ثلاثين ألفا.
قال: وعسكر علي عليه السلام على الماء وعسكر معاوية فوقه على الماء أيضا ومشت القراء بين علي عليه السلام ومعاوية منهم عبيدة السلماني وعلقمة بن قيس النخعي وعبد الله بن عتبة وعمار بن عبد القيس فدخلوا على معاوية فقالوا: يا معاوية ما الذي تطلب؟