قال نصر: ودعا الأشتر بالحارث بن همام النخعي فأعطاه لواءه ثم صاح الأشتر في أصحابه فدتكم نفسي شدوا شدة المحرج الراجي للفرج فإذا نالتكم الرماح التووا فيها فإذا عضتكم السيوف فليعض الرجل على ناجذه فإنه أشد لشؤون الرأس ثم استقبلوا القوم بهامكم.
قال و: كان الأشتر يومئذ على فرس له محذوف أدهم كأنه حلك الغراب وقتل بيده من أهل الشام من فرسانهم وصناديدهم سبعة صالح بن فيروز العكي ومالك بن أدهم السلماني ورياح بن عتيك الغساني والأجلح بن منصور الكندي وكان فارس أهل الشام وإبراهيم بن وضاح الجمحي وزامل بن عتيك الجذامي ومحمد بن روضة الجمحي وسمع أمير المؤمنين مرثية بعض نساء القتلى فقال: أما إنهم أضروا بنسائهم فتركوهن أيامى حزانى بائسات قاتل الله معاوية اللهم حمله آثامهم وأوزارا وأثقالا مع أثقاله اللهم لا تعف عنه.
وعن صعصعة قال: أقبل الأشتر يوم الماء فضرب بسيفه جمهور أهل الشام حتى كشفهم عن الماء وحمل أبو الأعور وحمل الأشتر عليه فلم ينتصف أحدهما صاحبه.
قال: وقال عمرو بن العاص لمعاوية: لما ملك أهل العراق الماء: ما ظنك يا معاوية بالقوم إن منعوك الماء كما منعتهم أمس أتراك تضاربهم عليه كما ضاربوك عليه؟ ما أغنى عنك أن تكشف لهم السوءة؟ فقال له معاوية: دع عنك ما مضى فما ظنك بعلي بن أبي طالب؟ قال ظني أنه لا يستحل منك ما استحللت منه وأن الذي جاء له غير الماء.
قال: نصر فقال أصحاب علي عليه السلام له: أمنعهم الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك. فقال: لا خلوا بينهم وبينه لا أفعل ما فعله الجاهلون فسنعرض عليهم كتاب الله وندعوهم إلى الهدى فإن أجابوا وإلا ففي حد السيف ما يغني إنشاء الله قال: فوالله ما أمسى الناس حتى رأوا سقاتهم وسقاة أهل الشام ورواياهم وروايا أهل الشام يزدحمون على الماء ما يؤذي إنسان إنسانا.