للدين ورعاية لشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله، وإنما تألم من قتله لأنه كان حليفا له في الجاهلية، وقد عفا عن خالد لما علم أنه هو قاتل سعد بن عبادة.
روي عن بعض أصحابنا، عن أهل البيت عليهم السلام أن عمر استقبل (1) في خلافته خالد بن الوليد يوما في بعض حيطان المدينة، فقال له: يا خالد! أنت الذي قتل مالكا؟. فقال: يا أمير المؤمنين! إن كنت قتلت مالك بن نويرة لهنات كانت بيني وبينه فقد قتلت لكم سعد بن عبادة لهنات كانت بينكم وبينه، فأعجب عمر قوله وضمه إلى صدره، وقال له: أنت سيف الله وسيف رسوله (ص)!.
وجملة القصة (2)، أن سعد بن عبادة لما امتنع من بيعة أبي بكر يوم السقيفة وأراد المبايعون لأبي بكر أن يطالبوه بالبيعة، قال لهم قيس بن سعد: إني ناصح لكم فاقبلوا مني. قالوا: وما ذاك؟. قال: إن سعدا قد حلف أن لا يبايعكم، وهو إذا حلف فعل، ولن يبايعكم حتى يقتل، ولن يقتل حتى يقتل معه ولده وأهل بيته، ولن يقتلوا حتى يقتل الأوس كلها، ولن يقتلوا حتى يقتل الخزرج، ولن يقتل الأوس والخزرج حتى يقتل اليمن، فلا تفسدوا عليكم أمرا قد كمل واستتم لكم، فقبلوا منه ولم يتعرضوا لسعد.
ثم إن سعدا خرج من المدينة إلى الشام، فنزل في قرى غسان من بلاد دمشق - وكان غسان من عشيرته، وكان خالد يومئذ بالشام، وكان ممن يعرف بجودة الرمي، وكان معه رجل من قريش موصوف بجودة الرمي - فاتفقا على قتل سعد بن عبادة لامتناعه من البيعة لقريش، فاستترا ليلة بين شجر وكرم، فلما مر بهما في مسيره رمياه بسهمين، وأنشدا بيتين من الشعر ونسباهما إلى الجن: