هواه، ويصدق ما وافق رضاه.. هذا آخر كلام الجاحظ (1).
ثم قال السيد رضي الله عنه (2): فإن قيل: ليس ما عارض به الجاحظ من الاستدلال بترك النكير، وقوله: كما لم ينكروا على أبي بكر، فلم ينكروا أيضا على فاطمة عليها السلام ولاغيرها من المطالبين (3) بالميراث كالأزواج وغيرهن معارضة صحيحة، وذلك أن نكير أبي بكر لذلك ودفعه والاحتجاج عليه يكفيهم ويغنيهم عن تكلف نكير (4)، ولم ينكر على أبي بكر ما رواه منكر فيستغنوا بإنكاره (5).
قلنا: أول ما يبطل هذا السؤال أن أبا بكر لم ينكر عليها ما أقامت عليه بعد احتجاجها بالخبر من التظلم والتألم، والتعنيف والتبكيت (6)، وقولها - على ما روي -:
والله لأدعون الله عليك...، ولا كلمتك أبدا، و... ما جرى هذا المجرى، فقد كان يجب أن ينكره غيره، فمن المنكر الغضب على المنصف. وبعد، فإن كان إنكار أبي بكر مقنعا أو مغنيا عن إنكار غيره من المسلمين، فإنكار فاطمة عليها السلام حكمه، ومقامها على التظلم منه يغني (7) عن نكير غيرها، وهذا واضح لمن أنصف من نفسه. انتهى كلامه رفع الله مقامه.