الفائدة، إذ مدلوله حينئذ أن بضعته كسائر المسلمين، ولا يقول ذلك من أوتي حظا من الفهم والفطانة، أو اتصف بشئ من الانصاف والأمانة، وقد أطبق محدثوهم على إيراد تلك الروايات في باب مناقبها صلوات الله عليها.
فإن قيل: أقصى ما يدل عليه الاخبار هو أن إيذاءها إيذاء للرسول صلى الله عليه وآله، ومن جوز صدور الذنب عنه صلى الله عليه وآله لا يأبى عن إيذائه إذا فعل ما يستحق به الايذاء.
قلنا: بعد ما مر من الدلائل على عصمة الأنبياء عليهم السلام (1)، قال الله تعالى: [والذين يؤذن رسول الله لهم عذاب أليم] (2)، وقال سبحانه: [وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله] (3)، وقال تعالى: [إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدلهم عذابا مهينا] (4)، فالقول بجواز إيذائه صلى الله عليه وآله رد لصريح القرآن، ولا يرضى به أحد من أهل الايمان.
فإن قيل: إنما دلت الاخبار على عدم جواز إيذائها، وهو إنما ينافي صدور ذنب عنها يمكن للناس الاطلاع عليه حتى يؤذيها نهيا عن المنكر، ولا ينافي صدور معصية عنها خفية فلا يدل على عصمتها مطلقا.
قلنا: نتمسك في دفع هذا الاحتمال بالاجماع المركب على أن ما جرى في قصة فدك وصدر عنها من الانكار على أبي بكر، ومجاهرتها بالحكم بكفره وكفر طائفة من الصحابة وفسقهم تصريحا وتلويحا، وتظلمها وغضبها على أبي بكر وهجرتها وترك كلامها حتى ماتت لو كانت معصية لكانت من المعاصي الظاهرة التي قد أعلنت بها على رؤوس الاشهاد، وأي ذنب أظهر وأفحش من مثل هذا الرد والانكار على الخليفة المفترض الطاعة على العالمين بزعمهم، فلا محيص لهم عن