بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٠٠
فان قيل: لو جاز التقية مع فقد أسباب التقية لم نأمن في أكثر ما ظهر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون على سبيل التقية.
قيل: هذا باطل لأنا قد بينا أن أسباب التقية كانت ظاهرة لم تكن مفقودة فأما الرسول (صلى الله عليه وآله) فإنما لم تجز التقية عليه لان الشريعة لا تعرف إلا من جهته ولا يوصل إليها إلا بقوله، فمتى جازت التقية عليه، لم يكن لنا إلى العلم بما كلفناه طريق، وليس العلم بأن الامام منصوص عليه موقوفا على قول الإمام، ولا يعلم إلا من جهته حتى يكون تقيته دافعة لطريق العلم، فبان الفرق بين الامرين (1).
ثم يقال له (2): وقد كان فيمن أنكر وامتنع من البيعة، مثل خالد بن سعيد بن العاص (3) وسلمان، وقوله " كرديد ونكرديد " (4) ومثل أبي ذر وعمار والمقداد .

(١) تلخيص الشافي ٨٧، الشافي ٤٠٠، وفيهما بعد ذلك أسؤلة وأجوبة أضرب عنها المؤلف، لعدم التناسب بالمقام كثيرا.
(٢) تلخيص الشافي: ٩١، الشافي ٤٠١.
(٣) راجع ص ١٩٢، وأضف إلى ذلك ما رواه اليعقوبي في تاريخه ٢ / ١١٦ قال:
" وكان خالد غائبا فأتى عليا فقال: هلم أبايعك، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك ".
وروى الجوهري بالاسناد، عن مكحول ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل [يعنى صنعاء] فقدم بعد ما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلى البيعة فأبى، فقال عمر: دعني وإياه، فمنعه أبو بكر حتى مضت عليه سنة، ثم مر به أبو بكر وهو جالس على بابه، فناداه خالد يا أبا بكر هل لك في البيعة قال: نعم قال: فادن فدنا منه فبايعه خالد وهو قاعد على بابه " أخرجه ابن أبي الحديد في شرح النهج ٢ / ١٧، وروى مثله البلاذري في أنساب الأشراف 1 / 588 عن المدائني وفيه: فقال أبو بكر ما رأيك في البيعة؟ قال: أبايع، فأتاه أبو بكر فأدخله الدار وبايعه، قال: وقال غير المدائني: بايع خالد أبا بكر بعد شهرين.
(4) راجع ص 193 - 194 وما بعده
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست