بالرضا به، وإنما نفعل ذلك عند علمنا بارتفاع ساير الاعذار، وحصول شرائط جميع انكار المنكر، وما نعلم بيننا وبينكم خلافا في هذا الذي ذكرناه على الجملة وإنما يقع التناسي للأصول إذا بلغ الكلام إلى الإمامة.
وليس لاحد أن يقول إن غلبة الظن بأن انكار المنكر يؤدي إلى ما هو أعظم منه، لابد فيه من امارات تظهر وتنقل، وفي فقد علمنا بذلك دلالة على أنه لم يكن، وذلك أن الامارات إنما يجب أن تكون ظاهرة لمن شاهد الحال، وغلب في ظنه ما ذكرناه، دون من لم تكن هذه حاله، ونحن خارجون عن ذلك، والامارات الظاهرة في تلك الحال لمن غلب في ظنه ما يقتضيه ليست مما ينقل و يروى، وإنما يعرف بشاهد الحال، وربما ظهرت أيضا لبعض الحاضرين دون بعض.
على أن كل هذا الكلام إنما نتكلفه متى لم نبن كلامنا على صحة النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) ومتى بنينا الكلام في أسباب ترك النكير على ما قدمناه من صحة النص ظهر الامر ظهورا يرفع الشبهة، لأنه إذا كان هو (عليه السلام) المنصوص عليه بالإمامة، والمشار إليه من بينهم بالخلافة، ثم رآهم بعد وفات الرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تنازعوا الامر بينهم تنازع من لم يسمعوا فيه نصا ولا أعطوا فيه عهدا، وصاروا إلى إحدى الجهتين بطريقة الاختيار، وصمموا على أن ذلك هو الواجب الذي لا معدل عنه، ولا حق سواه، علم صلى الله عليه أن ذلك مويس من نزوعهم ورجوعهم ومخيف من ناحيتهم، وأنهم إذا استجازوا اطراح عهد الرسول واتباع الشبهة فيه فهم بأن يطرحوا انكار غيره ويعرضوا عن وعظه وتذكيره أولى وأحرى.
ولا شبهة على عاقل في أن النص إن كان حقا على ما نقوله، ودفع ذلك الدفع، فان النكير هناك لا ينجع ولا ينفع، وأنه مؤد إلى غاية مكروه فاعليه.
فان قالوا إنما تأخر (عليه السلام) استيحاشا من استبدادهم بالامر، دون مشاورته ومطالعته، أو لاشتغاله بتجهيز الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم بأمر