بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٠٢
غير أنهم نقلوا ما سمعوا وفهم معناه من عرف اللغة أو أخبره عنه من يعرفها.
فان قالوا قوله " كرديد ونكرديد " فيه تثبيت لإمامته، قيل: هذا باطل لأنه أراد بقوله " كرديد " فعلتم، وبقوله " نكرديد " لم تفعلوا، والمعنى أنكم عقدتم لمن لا يصلح للامر ولا يستحقه، وعدلتم عن المستحق، وهذه عادة الناس في إنكار ما يجرى على غير وجهه، لأنهم يقولون " فعل فلان ولم يفعل " والمراد ما ذكرناه، وقد صرح سلمان ره بذلك في قوله أصبتم سنة الأولين وأخطأتم أهل بيت نبيكم وقد فسر بالعربية معنى كلامه.
فان قالوا: أراد أصبتم الحق وأخطأتم المعدن لان عادة الفرس أن لا يزيل الملك عن أهل بيت الملك.
قيل الذي يبطل هذا الكلام تفسير سلمان لكلام نفسه، فهو أعرف بمعناه، على أن سلمان رحمة الله عليه كان أتقى الله وأعرف به من أن يريد من المسلمين أن يسلكوا سنن الأكاسرة والجبابرة، ويعدلوا عما شرعه لهم نبيهم (صلى الله عليه وآله).
فان قيل: فقد تولى سلمان لعمر المداين، فلو لا أنه كان راضيا بذلك لم يتول ذلك.
قيل: ذلك أيضا محمول على التقية، وما اقتضى اظهار البيعة والرضا يقتضيه وليس لهم أن يقولوا: وأي تقية في الولايات، لأنه غير ممتنع أن يعرض عليه هذه الولايات ليمتحن بها، ويغلب في ظنه أنه ان عدل عنها وأباها نسب إلى الخلاف واعتقدت فيه العداوة، ولم يأمن المكروه، وهذه حال توجب عليه أن يتولى ما عرض عليه، وكذلك الكلام في تولى عمار رحمة الله عليه الكوفة ونفوذ المقداد في بعوث القوم.
على أنه يجوز عندنا تولى الامر من قبل من لا يستحقه إذا ظن أنه يقوم بما أمر الله تعالى، ويضع الأشياء في مواضعها من الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر ولعل القوم علموا ذلك أو ظنوه.
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»
الفهرست