بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٠١
وغيرهم، وأقوالهم في ذلك معروفة.
فان قالوا: كل هؤلاء بايعوا وتولوا الأمور من قبله، ومن قبل غيره، فلم يبق منهم خلاف.
قيل: نحن نسلم أنهم بايعوا، فمن أين أنهم رضوا به، لأنا قد بينا في ذلك ما فيه مقنع، وإذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مع عظم قدره وعلو منزلته قد ألجأته الحال إلى البيعة، فأولى أن تلجئ غيره ممن لا يدانيه في أفعاله.
فان قيل المروى عن سلمان أنه قال " كرديد ونكرديد " وليس بمقطوع به، قلنا إن كان خبر السقيفة وشرح ما جرى فيها من الأقوال والافعال مقطوعا به، فقول سلمان مقطوع به، لان كل من روى السقيفة رواه، وليس هذا مما يختص الشيعة بنقله فيتهمونهم فيه، وليس لهم أن يقولوا كيف خاطبهم بالفارسية وهم عرب وإن كان فيهم من فهم الفارسية لا يكون إلا آحادا لا يجب قبول قولهم، وذلك أن سلمان وإن تكلم بالفارسية، فقد فسره بقوله أصبتم وأخطأتم أصبتم سنة الأولين، وأخطأتم أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقوله أما والله لو وضعتموها حيث وضعها الله لأكلتم من فوق رؤوسكم وتحت أرجلكم رغدا، أما والله حيث عدلتم بها عن أهل بيت نبيكم ليطمعن فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء حتى روي عن ابن عمر أنه قال: ما أبغضت أحدا كبغضي سلمان يوم قال هذا القول، وإني قلت يريد شق عصا المسلمين ووقوع الخلاف بينهم، ولا أحببت أحدا كحبي له يوم رأيت مروان بن الحكم على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: رحم الله سلمان، لقد طمع فيه الطلقاء وأبناء الطلقاء (1) وغير ذلك من الألفاظ المنقولة عنه.
وقد يجوز أن يجمع في إنكاره بين الفارسية والعربية، ليفهم إنكاره أهل اللغتين معا، فلم يخاطب على هذا العرب بالفارسية فأما قول السائل إن راويه واحد من حيث لا يجوز أن يرويه إلا من فهم الفارسية فطريف لان الشئ قد يرويه من لا يعرف معناه، فلعل الناقلين لهذا الكلام كانوا جميعا أو كان أكثرهم لا يفهم معناه .

(1) راجع ص 211
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست