بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٠٥
أهل الرفض، ودسيس من قصده الطعن في السلف، ويقول فيمن يروى هذه الأخبار ويقبلها، أكثر مما تقول أنت وأصحابك فيمن يروى ما ذكرناه من الاخبار.
على أن الظاهر الذي لا يمكن دفعه من القوم الذين أشاروا إليهم أنهم كانوا يفتخرون عليه بالنسب، وما جرى مجراه، وكانت تجرى بينهم مفاضلة ومفاخرة لا ذكر للإمامة فيها، وما كان يكون ذلك إلا بتعرض من معاوية فإنه كان رجلا عريضا يريد أن يتحدث عنه بالحلم، وكان دأبه أن يتحكك (1) بمن يعلم أنه لا يحتمله حتى يصدر منه من الكلام ما يغضي عليه ويعرض عنه، فيكون ذلك داعيا إلى وصفه بالحلم، وما كان في جميع من ذكره ممن كان يقابله بغليظ الكلام وشديده إلا من يخاطبه بإمرة المؤمنين في الحال، ويأخذ عطاءه، ويتعرض لجوايزه ونوافله فأي انكار كان مع ما ذكرناه.
ومما يعارض جميع من خالفنا إجماعهم على قتل عثمان، لان الناس كانوا بين فريقين أحدهما المؤلب عليه والمتولي لمغالبته ومطالبته بالخلع، حتى أدى ذلك إلى قتله، والاخر ممسك عنهم غير منكر عليهم، وذلك دال عندهم على الاجماع.
فان قالوا: كيف يدعى الاجماع في هذا الباب، وقد حصل هناك أمران يمنعان من النكير: أحدهما أنه كان غلبة، والثاني ما كان من منع عثمان من القتال، فكيف يقابل ما قلناه، وقد ثبت أيضا بالنقل ما كان من أمير المؤمنين (عليه السلام) من الانكار حتى بعث الحسن والحسين عليهما السلام وقنبرا على ما روى في ذلك وكيف يدعى في ذلك الاجماع وعثمان نفسه مع شيعته وأقاربه خارجون منه.
قيل: ليس الغلبة أكثر من استيلاء الجمع الكثير الذين يخشى سطوتهم، ويخاف بادرتهم، وهذه كانت حال من عقد الإمامة لأبي بكر، لان أكثر الأمة تولاها، ومال إليها، واعتقد أنها السنة، وما يخالفها البدعة، فأي غلبة أوضح مما ذكرناه .

(1) العريض: من يتعرض للناس بالشر، ويقال: فلان يتحكك بك أي يتحرش بك ويتعرض لشرك
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»
الفهرست