الردة أحدا، فاخترت أن أظلم حقي وإن فعلوا ما فعلوا (1).
وروى إبراهيم، عن يحيى بن الحسن، عن عاصم بن عامر، عن نوح ابن دراج، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن عدي بن حاتم قال: ما رحمت أحدا رحمتي عليا حين أتى به ملببا فقيل له بايع، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا إذا نقتلك، قال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله! ثم بايع كذا وضم يده اليمنى (2).
وروى إبراهيم عن عثمان بن أبي شيبة، عن خالد بن مخلد البجلي عن داود ابن يزيد الأودي، عن أبيه، عن عدي بن حاتم قال إني لجالس عند أبي بكر إذ جئ بعلى (عليه السلام) فقال له أبو بكر: بايع، فقال له علي (عليه السلام): فان أنا لم أبايع؟ قال أضرب الذي فيه عيناك، فرفع رأسه إلى السماء ثم قال: اللهم اشهد ثم مد يده فبايعه (3).
وقد روي هذا المعنى من طرق مختلفة وبألفاظ متقاربة المعنى وإن اختلف لفظها وإنه (عليه السلام) كان يقول في ذلك اليوم لما أكره على البيعة وحذر من التقاعد عنها " يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين " ويردد ذلك ويكرره، وذكر أكثر ما روى في هذا المعنى يطول (4) فضلا عن ذكر جميعه وفيما أشرنا إليه كفاية ودلالة على أن البيعة لم تكن عن رضا واختيار.
فان قيل: كل ما رويتموه في هذا المعنى أخبار آحاد لا توجب علما.
قلنا: كل خبر مما ذكرناه وإن كان واردا من طريق الآحاد، فان معناه الذي تضمنه متواتر، والمعول على المعنى دون اللفظ، ومن استقرى الاخبار، وجد معنى إكراهه (عليه السلام) على البيعة، وأنه دخل فيها مستدفعا للشر، وخوفا من تفرق كلمة المسلمين، وقد وردت به أخبار كثيرة من طرق مختلفة تخرج عن حد الآحاد .