إنا أنزلناه في ليلة القدر " إلى آخرها، فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم من لعلم شيئا لا يعلمه في تلك الليلة، أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها؟ فإنهم سيقولون:
لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله من علم الله عز ذكره اختلاف؟
فإن قالوا: لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف فهل خالف رسول - الله صلى الله عليه وآله؟ فيقولون: نعم، فإن قالوا: لا، فقد نقضوا أول كلامهم، فقل لهم: ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه، فإن قالوا: فمن هو ذاك؟ فقل كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك فهل بلغ أولا؟
فإن قالوا: قد بلغ، فقل: فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل: إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله مؤيد، ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله إلا من يحكم بحكمه، وإلا من يكون مثله إلا النبوة (1)، فإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده.
فإن قالوا لك: فإن علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن، فقل: " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة " إلى قوله: " إنا كنا مرسلين " (2) فإن قالوا لك:
لا يرسل الله عز وجل إلا إلى نبي، فقل: هذا الامر الحكيم الذي يفرق فيه، هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء أو من سماء إلى الأرض (3)؟
فإن قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فإن قالوا: من سماء إلى أرض، وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل:
فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه؟