أمته، وأمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم، فان المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل.
فلما أوجب الله عز وجل ذلك ثقل (1) لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم أخذ الله (2) ميثاقهم على الوفاء، وعاند أهل الشقاق والنفاق وألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله، فقالوا: القرابة هم العرب (3) كلها وأهل دعوته، فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي صلى الله عليه وآله أولاهم بالمودة وكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.
وما أنصفوا نبي الله في حيطته (4) ورأفته، وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يؤدوه في ذريته وأهل بيته، وأن لا يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله صلى الله عليه وآله فيهم وحبا له (5)، فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه؟ والاخبار ثابتة بأنهم أهل المودة والذين فرض الله مودتهم ووعد (6) الجزاء عليها. فما وفى أحد بها.
فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة (7) لقول الله عز وجل في هذه الآية: " والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (8) مفسرا ومبينا.