تحكمون " (1) قال: فمن أين زعمت أنه لابد أن يكون معصوما من جميع الذنوب؟ قال: إن لم يكن معصوما لم يؤمن أن يدخل فيما دخل فيه غيره من الذنوب فيحتاج إلى من يقيم عليه الحد كما يقيمه على غيره، وإذا دخل في الذنوب لم يؤمن أن يكتم على جاره وحبيبه وقريبه وصديقه، وتصديق ذلك قول الله عز وجل: " إني جاعلك للناس إماما قال: ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " (2).
قال: فمن أين زعمت أنه أشجع الخلق؟ قال: لأنه قيمهم الذي يرجعون إليه في الحرب، فإن هرب فقد باء بغضب من الله، ولا يجوز أن يبوء (3) الامام بغضب من الله وذلك قوله عز وجل: " إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيرا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " (4).
قال: فمن أين زعمت أنه لابد أن يكون أسخى الخلق؟ قال: لأنه إن لم يكن سخيا لم يصلح للإمامة لحاجة الناس إلى نواله وفضله، والقسمة بينهم بالسوية ليجعل الحق في موضعه، لأنه إذا كان سخيا لم تتق نفسه إلى أخذ شئ من حقوق الناس والمسلمين، ولا يفضل نصيبه في القسمة على أحد من رعيته وقد قلنا: إنه معصوم فإذا لم يكن أشجع الخلق وأعلم الخلق وأسخى الخلق وأعف الخلق لم يجز أن يكون إماما. (5) بيان: قوله فترة أي ضعف ولين في إجراء أحكام الله تعالى، قوله: لم تتق، مضارع من تاق إليه، أي اشتاق