تلك الأمور أيضا، لأنه تعالى يحدث ما يشاء في أي وقت شاء، أو المراد أن في تلك الليلة تفرق كل أمر محكم لا بداء فيه، وأما سائر الأمور فلله فيه البداء، والحاصل أن في ليلة القدر يميز للإمام عليه السلام بين الأمور الحتمية والأمور التي تحتمل البداء ليخبر بالأمور الأولة حتما، وبالأمور الثانية على وجه إن ظهر خلافه لا ينسب إلى الكذب وسيأتي مزيد تحقيق لذلك.
وأما تأويله عليه السلام ليلة القدر بفاطمة عليها السلام فهذا بطن من بطون الآية وتشبيهها بالليلة إما لسترها وعفافها، أو لما يغشاها من ظلمات الظلم والجور وتأويل الفجر بقيام القائم بالثاني أنسب فإنه عند ذلك يسفر الحق وتنجلي عنهم ظلمات الجور والظلم، و عن أبصار الناس أغشية الشبه فيهم، ويحتمل أن يكون طلوع الفجر إشارة إلى طلوع الفجر من جهة المغرب الذي هو من علامات ظهوره، والمراد بالمؤمنون الأئمة عليهم السلام وبين عليه السلام أنهم إنما سموا ملائكة لأنهم يملكون علم آل محمد صلى الله عليه وآله ويحفظونها ونزولهم فيها كناية عن حصولهم منها موافقا لما ورد في تأويل آية سورة الدخان أن الكتاب المبين أمير المؤمنين عليه السلام والليلة المباركة فاطمة عليها السلام " وفيها يفرق كل أمر حكيم " أي حكيم بعد حكيم وإمام بعد إمام.
وقوله: " من كل أمر سلام هي " على هذا التأويل هي مبتدأ، وسلام خبره، أي ذات سلامة، ومن كل أمر متعلق بسلام، أي لا يضرها وأولادها ظلم الظالمين، ولا ينقص من درجاتهم المعنوية شيئا، أو العصمة محفوظة فيهم فهم معصومون من الذنوب والخطاء والزلل إلى أن تظهر دولتهم ويتبين لجميع الناس فضلهم.