قوله عليه السلام: بولاية وصيك، أي بسببها، فإن نفاقهم كان بسبب إنكار الولاية أو فيها، لأنهم كانوا يظهرون قبولها ويسعون باطنا في إزالتها (لكاذبون) أي في ادعائهم الاذعان بنبوتك، إذ تكذيب الولاية يستلزم تكذيب النبوة، والسبيل هو الوصي، لأنه الموصل إلى النجاة والداعي إلى سبيل الخير، ولا يقبل عمل إلا بولايته، لا يعقلون بنبوتك، أي لا يدركون حقيقتها وحقيتها ولا يفهمون أن إنكار الوصي تكذيب للنبي صلى الله عليه وآله، وأن معنى النبوة وفائدتها ونفعها لا تتم إلا بتعيين وصي معصوم حافظ لشريعته، فمن لم يؤمن بالوصي لم يعقل معنى النبوة فتصديقه على فرض وقوعه تصديق من غير تصور (لووا رؤوسهم) أي عطفوها إعراضا واستكبارا عن ذلك (ورأيتهم يصدون) أي يعرضون، قوله عليه السلام: ثم عطف القول هو على بناء المفعول، والباء في قوله: (بمعرفته) بمعنى (إلى) أي عطف الله تعالى القول عن بيان حالهم إلى بيان علمه بعاقبة أمرهم، وأنهم لا ينفعهم الانذار ويحتمل أن تكون الباء سببية، فيرجع إلى الأول.
فإن قيل: المشهور بين المفسرين نزول تلك الآيات في ابن أبي المنافق و أصحابه وهو مناف لما في الخبر.
قلت: خصوص السبب لا يصير سببا لخصوص الحكم، وما ورد من الاحكام في جماعة يجري في أضرابهم إلى يوم القيامة، مع أنه قد كانت الآيات تنزل مرتين في قضيتين لتشابههما، وأيضا لا اعتماد على أكثر ما رووه في أسباب النزول، و بالجملة يحتمل أن يكون المعنى أن آيات النفاق تشمل جماعة كانوا يظهرون الايمان بالرسول صلى الله عليه وآله وينكرون إمامة وصيه، فإنه كفر به حقيقة (أفمن يمشي مكبا) يقال: كببته فأكب، وقد مر تفسير الآية، من حاد، أي مال وعدل، والحاصل أن شيعة علي عليه السلام التابع له في عقائده وأعماله يمشي على صراط مستقيم لا يعوج عن الحق، ولا يشتبه عليه الطريق ولا يقع في الشبهات التي توجب عثاره ويعسر عليه التخلص منها والمخالف له أعمى حيران لا يعلم مقصده وعاقبة أمره، فيسلك الطرق الوعرة المشتبهة التي لا يدري أين ينتهي، ويقع في حفر ومضائق وشبهات لا يعرف