ثم حمل النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه على المشركين فهزموهم، وقتل علي بن أبي طالب عليه السلام أصحاب اللواء، وأنزل الله نصرته على المسلمين. قال الزبير: فرأيت هندا و صواحبها هاربات مصعدات في الجبال نادية خدامهن، ما دون أخذهن شئ، فلما نظرت الرماة إلى القوم قد انكشفوا ورأوا النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ينتهبون الغنيمة أقبلوا يريدون النهب واختلفوا، فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول الله (1) صلى الله عليه وآله، و قال بعضهم: ما بقي من الامر شئ، ثم انطلقوا عامتهم وألحقوا (2) بالعسكر، فلما رأى خالد بن الوليد قلة الرماة واشتغال المسلمين بالغنيمة، ورأي ظهورهم خالية صاح في خيله من المشركين وحمل على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله من خلفهم فهزموهم و قتلوهم، ورمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسول الله صلى الله عليه وآله بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجهه فأثقله، وتفرق عنه أصحابه، وأقبل يريد قتله، فذب مصعب بن عمير وهو صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر ويوم أحد وكان اسم رايته العقاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قتل مصعب بن عمير قتله ابن قميئة فرجع وهو يرى أنه قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: إني قتلت محمدا، وصاح صائح (3)، ألا أن محمدا قد قتل، ويقال:
إن الصائح (4) كان إبليس لعنه الله، فانكفأ الناس (5) وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو الناس ويقول: " إلي عباد الله إلي عباد الله " فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فحموه حتى كشفوا عنه المشركين، ورمى سعد بن أبي وقاص حتى اندقت سية (6) قوسه، و أصيبت يد طلحة بن عبيد الله فيبست، وأصيبت عين قتادة بن النعمان يومئذ حتى وقعت على وجنته، فردها رسول الله صلى الله عليه وآله مكانها فعادت كأحسن ما كانت، فلما