بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٨٢
بالتفضيل فهو معنا في الرفيق الاعلى، وإذا أنت مضيت على طريقة يحبها منك ربك ولم تتبعها بما يسخط (1) ووافيته بها إذا بعثك بين يديه كنت لولاية الله مستحقا ولمرافقتنا في تلك الجنان مستوجبا، انظر أبا بكر، فنظر في آفاق السماء فرأى أملاكا من نار على أفراس من نار، بأيديهم رماح من نار، وكل ينادي: يا محمد مرنا بأمرك في مخالفيك نطحطحهم، ثم قال: تسمع على الأرض، فتسمع (2) فإذا هي تنادي: يا محمد مرني بأمرك في أعدائك أمتثل أمرك، ثم قال: تسمع على الجبال فسمعها تنادي: يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك نهلكهم، ثم قال: تسمع على البحار فأحضرت البحار بحضرته وصاحت أمواجها: يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك نمتثله ثم سمع السماء والأرض والجبال والبحار كل يقول: يا محمد ما أمرك ربك بدخول الغار لعجزك عن الكفار. ولكن امتحانا وابتلاء ليخلص (3) الخبيث من الطيب من عباده وإمائه بأناتك (4) وصبرك وحلمك عنهم، يا محمد من وفى بعهدك فهو من رفقائك في الجنان، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، وهو من قرناء إبليس اللعين في طبقات النيران.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام يا علي أنت مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، والروح من البدن، حببت إلي كالماء البارد إلي ذي الغلة الصادي ثم قال له: يا با حسن تغش ببردتي، فإذا أتاك الكافرون يخاطبونك فإن الله يقرن بك توفيقه وبه تجيبهم، فلما جاء أبو جهل والقوم شاهرون سيوفهم قال لهم أبو جهل:
لا تقعوا به وهو نائم لا يشعر، ولكن ارموه بالأحجار ليتنبه بها ثم اقتلوه، فرموه بأحجار ثقال صائبة، فكشف عن رأسه، وقال: ماذا شأنكم، فعرفوه فإذا هو علي عليه السلام فقال أبو جهل: أما ترون محمدا كيف أبات هذا ونجا بنفسه لتشتغلوا به

(1) في المصدر: ولا تتبعها بما يسخطه.
(2) تسمع الرجل وإليه: أصغى إليه.
(3) في المصدر: ليتخلص.
(4) الأناة: الوقار والحلم: الانتظار والتمهل.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست