بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٦٢
البكر، وإذا له رغاء فابذعر الصبح (1) وهم في عرج الدار من خلفه، وشد عليهم علي عليه السلام بسيفه، يعني سيف خالد، فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار وتبصروه، فإذا علي عليه السلام، قالوا: وإنك لعلي؟ قال: أنا علي، قالوا: فإنا لم نردك، فما فعل صاحبك؟ قال: لا علم لي به، وقد كان علم - يعني عليا - أن الله تعالى قد أنجى نبيه صلى الله عليه وآله بما كان أخبره من مضيه إلى الغار واختبائه فيه، فأذكت قريش عليه العيون، وركبت في طلبه الصعب والذلول، وأمهل علي عليه السلام حتى إذا اعتم من الليلة القابلة انطلق هو وهند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله هندا أن يبتاع له ولصاحبه بعيرين، فقال أبو بكر:
قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب، فقال: إني لا آخذهما ولا أحدهما إلا بالثمن، قال: فهي لك بذلك، فأمر صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام فأقبضه الثمن، ثم وصاه بحفظ ذمته وأداء أمانته، وكانت قريش تدعوا محمدا صلى الله عليه وآله في الجاهلية الأمين، وكانت تستودعه وتستحفظه أموالها وأمتعتها، وكذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم، وجاءته النبوة والرسالة والامر كذلك، فأمر عليا عليه السلام أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة وعشيا: من كان (3) له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤد إليه أمانته، قال: فقال صلى الله عليه وآله: إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم علي، فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا، ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما ومستحفظه فيكما، فأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم من أزمع للهجرة معه من بني هاشم.
قال أبو عبيدة: فقلت لعبيد الله يعني ابن أبي رافع: أو كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجد ما ينفقه هكذا؟ فقال: إني سألت أبي عما سألتني، وكان يحدث لي هذا الحديث (4)

(1) في المصدر: فجعل خالد يقمص قماص البكر، ويرغو رغاء الجمل، ويذعر ويصيح.
(2) في المصدر: فإذا هو علي عليه السلام.
(3) في المصدر: ألا من كان.
(4) في نسخة: يحدث في هذا الحديث، وفى المصدر: يحدث بهذا الحديث.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست