بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٦١
به خليله إبراهيم عليه السلام والذبيح إسماعيل عليه السلام، فصبرا صبرا، فإن رحمة الله قريب من المحسنين، ثم ضمه النبي صلى الله عليه وآله إلى صدره وبكى إليه وجدا به، وبكى علي عليه السلام جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وآله، واستتبع رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله بمكانه مع علي عليه السلام يوصيه ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين، ثم خرج صلى الله عليه وآله في فحمة العشاء، (1) والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الأعين، فخرج وهو يقرأ هذه الآية:
" وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون (2) " وكان بيده قبضة من تراب فرمى بها في رؤوسهم (3)، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم، و مضى حتى أتى إلى هند وأبي بكر، فنهضا معه (4) حتى وصلوا إلى الغار، ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وآله، ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر إلى الغار (5)، فلما خلق الليل وانقطع الأثر أقبل القوم على علي عليه السلام قذفا بالحجارة والحلم (6)، فلا يشكون أنه رسول الله صلى الله عليه وآله حتى إذا برق الفجر، وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي عليه السلام، وكانت دور مكة يومئذ سوائب لا أبواب لها فلما بصر بهم علي عليه السلام قد انتضوا السيوف وأقبلوا عليه بها يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة وثب به علي عليه السلام فختله وهمز يده، فجعل خالد يقمص قماص

(١) في المصدر: في فحمة العشاء الآخرة. وفى النهاية فحمة العشاء: هي اقباله وأول سواده يقال للظلمة التي بين صلاتي العشاء: الفحمة.
(٢) يس: ٩.
(3) في المصدر: واخذ بيده قبضة من تراب فرمى بها على رؤوسهم.
(4) في المصدر: فأنهضهما فنهضا معه.
(5) في المصدر: الغار. من دون حرف الجر.
(6) في المصدر: فلما غلق الليل أبوابه، وأسدل استاره، وانقطع الأثر أقبل القوم على علي عليه السلام يقذفونه بالحجارة، فلا يشكون.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست