هذه المشورة العاص بن وائل وأمية وأبي ابنا خلف، فقال قائل: كلا ما هذا لكم برأي، ولئن صنعتم ذلك ليتنمرن له الحدب الحميم، (1) والمولى الحليف، ثم ليأتين المواسم والأشهر الحرم بالأمن، فلينتزعن من أنشوطتكم، (2) قولوا قولكم.
فقال عتبة وشيبة وشركهما أبو سفيان، قالوا: فإنا نرى (3) أن نرحل بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه كتافا، ثم نقطع البعير بأطراف الرماح (4)، فيوشك أن يقطعه بين الدكادك إربا إربا، فقال صاحب رأيهم: إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا، أرأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق فأخذ بقلوبهم بسحره و بيانه وطلاقة لسانه فصبأ القوم إليه، واستجابت القبائل له قبيلة فقبيلة فليسيرن (5) حينئذ إليكم بالكتائب والمقانب، فلتهلكن كما هلكت أياد ومن كان قبلكم.
قولوا قولكم، فقال له أبو جهل: لكن أرى (6) لكم أن تعمدوا إلى قبائلكم العشرة فتنتدبوا من كل قبيلة منها رجلا نجدا، ثم تسلحوه حساما عضبا، وتمهد الفتية (7) حتى إذا غسق الليل وغور بيتوا (8) بابن أبي كبشة بياتا فيذهب دمه في قبائل قريش جميعا، فلا يستطيع بنو هاشم وبنو المطلب مناهضة قبائل قريش في صاحبهم، فيرضون حينئذ بالعقل منهم، فقال صاحب رأيهم: أصبت يا با الحكم، ثم أقبل عليهم فقال: هذا الرأي، فلا تعدلن به رأيا، وأوكئوا في ذلك أفواهكم حتى