بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣١
" ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم " مهاجرا من أرض الشرك فارا بدينه إلى الله ورسوله " ثم يدركه الموت " قبل بلوغه دار الهجرة " فقد وقع أجره على الله " أي ثواب عمله وجزاء هجرته على الله، وروى الحسن، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وآلهما. (1) وقال رحمه الله في قوله تعالى: " وإذ يمكر بك " قال المفسرون: إنها نزلت في قصة دار الندوة، وذلك أن نفر من قريش اجتمعوا فيها وهي دار قصي بن كلاب وتآمروا في أمر النبي صلى الله عليه وآله، فقال عروة بن هشام: نتربص به ريب المنون، وقال أبو البختري: أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه، وقال أبو جهل: ما هذا برأي، ولكن اقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فنرضى حينئذ بنو هاشم بالدية، فصوب إبليس هذا الرأي وكان قد جاءهم في صورة شيخ كبير من أهل نجد، وخطأ الأولين فاتفقوا على هذا الرأي وأعدوا الرجال والسلاح، وجاء جبرئيل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج إلى الغار وأمر عليا عليه السلام فبات على فراشه، فلما أصبحوا وفتشوا عن الفراش وجدوا عليا وقد رد الله مكرهم، فقالوا: أين محمد; قال: لا أدري، فاقتصوا أثره وأرسلوا في طلبه فلما بلغوا الجبل ومروا بالغار رأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو كان ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاثة أيام ثم قدم المدينة " الذين كفروا " وهم مشركو العرب، ومنهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والنضر بن حارث، وأبو جهل بن هشام، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، وأمية بن خلف وغيرهم " ليثبتوك " أي ليقيدوك فيثبتوك في الوثاق أو في الحبس ويسجنوك في بيت، وقيل: ليثخنوك بالجراحة والضرب عن أبان بن

(1) مجمع البيان 3: 98 - 100.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست