بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٤
الحجة عليه ويكون بقاء من بقي على الايمان حياة له، وقوله: " عن بينة " أي بعد بيان " وإن الله لسميع " لأقوالهم " عليم " بما في ضمائرهم " إذ يريكهم الله " العامل في إذ ما تقدم وتقديره آتاكم النصر إذ كنتم بشفير الوادي إذ يريكهم الله، وقيل: العامل فيه محذوف، أي اذكر يا محمد إذ يريك الله يا محمد هؤلاء المشركين الذين قاتلوكم يوم بدر " في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر " معناه يريكهم الله في نومك قليلا لتخبر المؤمنين بذلك فيجترؤوا على قتالهم، وهو قول أكثر المفسرين، وهذا جائز لان الرؤيا في النوم هو تصور يتوهم معه الرؤية في اليقظة ولا يكون إدراكا ولا علما، بل كثير مما يراه الانسان في نومه يكون تعبيره بالعكس مما رآه، كما يكون تعبير البكاء ضحكا، قال الرماني: ويجوز أن يريد الله (1) الشئ في المنام على خلاف ما هو به، لان الرؤيا في المنام تخيل للمعنى من غير قطع وإن جامعه قطع مع الانسان على المعنى، وإنما ذلك على مثل ما يخيل السراب ماء من غير قطع على أنه ماء، ولا يجوز أن يلهمه اعتقادا للشئ على خلاف ما هو به، لان ذلك يكون جهلا لا يجوز أن يفعله الله سبحانه، والرؤيا على أربعة أقسام: رؤيا من الله تعالى ولها تأويل، ورؤيا من وساوس الشيطان، ورؤيا من غلبة الاخلاط، ورؤيا من الأفكار، وكله أضغاث أحلام إلا الرؤيا التي من قبل الله التي هي إلهام في المنام، ورؤيا النبي صلى الله عليه وآله هذه كانت بشارة له وللمؤمنين بالغلبة، وقال الحسن: معنى قوله: " في منامك " في موضع نومك، أي في عينك التي تنام بها، وليس من الرؤيا في النوم، وهو قول البلخي وهذا بعيد " ولو أراكهم كثيرا " على ما كانوا عليه لجبنتم عن قتالهم وضعفتم، ولتنازعتم في أمر القتال " ولكن الله سلم " أي المؤمنين عن الفشل والتنازع " إنه عليم بذات الصدور " أي بما في قلوبهم (2) " وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا " أضاف الرؤية في النوم إلى النبي صلى الله عليه وآله لان رؤيا الأنبياء لا يكون إلا حقا، وأضاف رؤية العين إلى المسلمين، قلل الله المشركين

(1) في المصدر: ويجوز أن يرى الله.
(2) في المصدر: أي بما في قلوبكم، يعلم انكم لو علمتم كثرة عدوكم لرغبتم عن القتال.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست