بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٤
فمعناه أن هذا خير لكم كما أن إخراجك من بيتك على كراهية جماعة منكم خير لكم، وقريب منه ما جاء في حديث أبي حمزة الثمالي: فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك وقوله: " بالحق " أي بالوحي، وذلك أن جبرئيل أتاه وأمره بالخروج، وقيل: معناه أخرجك ومعك الحق، وقيل: أخرجك بالحق الذي وجب عليك وهو الجهاد " وإن فريقا من المؤمنين " أي طائفة منهم " لكارهون " لذلك للمشقة التي لحقهم " يجادلونك في الحق بعد ما تبين " معناه يجادلونك فيما دعوتهم إليه بعد ما عرفوا صحته وصدقات بالمعجزات، ومجادلتهم: قولهم هلا أخبرتنا بذلك، وهم يعلمون أنك لا تأمرهم عن الله إلا بما هو حق وصواب، وكانوا يجادلون فيه لشدته عليهم، يطلبون بذلك رخصة لهم في التخلف عنه، أو في تأخير الخروج إلى وقت آخر، وقيل: معناه يجادلونك في القتال يوم بدر بعد ما تبين صوابه " كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون " أي كان هؤلاء الذين يجادلونك في لقاء العدو لشدة القتال عليهم حيث لكم يكونوا مستعدين له، ولكراهتهم له من حيث الطبع كانوا بمنزلة من يساق إلى الموت وهم يرونه عيانا وينظرون إلى أسبابه (1) " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم " يعني واذكروا واشكروا الله إذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم: إما العير، وإما النفير " وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم " أي تودون أن لكم العير وصاحبها أبو سفيان، لئلا تلحقكم مشقة دون النفير وهو الجيش من قريش، قال الحسن: كان المسلمون يريدون العير، ورسول الله صلى الله عليه وآله يريد ذات الشوكة، كنى بالشوكة عن الحرب لما في الحرب من الشدة، وقيل: الشوكة: السلاح " ويريد الله أن يحق الحق بكلماته " معناه والله أعلم بالمصالح منكم، فأراد أن يظهر الحق بلطفه، ويعز الاسلام ويظفركم على وجوه القريش (2)، ويهلكهم على أيديكم بكلماته السابقة وعداته في قوله تعالى: " ولقد

(1) في المصدر: وهم ينظرون إليه وإلى أسبابه.
(2) هكذا في النسخ وفي نسخة المصنف أيضا. وهو من سهو القلم والصحيح كما في المصدر: قريش بلا حرف تعريف.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست