بصفته، فهلم فأسلم، فأسلم ذكوان، ثم قالا: يا رسول الله ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن، ويدعو الناس إلى أمرك، فقال رسول الله لمصعب بن عمير، وكان فتى حدثا مترفا بين أبويه يكرمانه ويفضلانه على أولادهم ولم يخرج من مكة، فلما أسلم جفاه أبواه، وكان مع رسول الله في الشعب حتى تغير وأصابه الجهد، وأمره رسول - الله بالخروج مع أسعد، وقد كان تعلم من القرآن كثيرا، فخرجا إلى المدينة و معهما مصعب بن عمير فقدموا على قومهم وأخبروهم بأمر رسول الله وخبره، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان، وكان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة، وكان يخرج في كل يوم فيطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى الاسلام فيجيبه الاحداث (1)، وكان عبد الله بن أبي شريفا في الخزرج، وقد كان الأوس والخزرج اجتمعت على أن يملكوه عليهم لشرفه وسخائه، وقد كانوا اتخذوا له إكليلا (2) احتاجوا في تمامة إلى واسطة كانوا يطلبونها، وذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث، ولم يعن على الأوس، وقال: هذا ظلم منكم للأوس، ولا أعين على الظلم، فرضيت به الأوس والخزرج، فلما قدم أسعد كره عبد الله ما جاء به أسعد و ذكوان وفتر أمره، فقال أسعد لمصعب: إن خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس وهو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف، فإن دخل في هذا الامر تم لنا أمرنا فهلم نأتي محلتهم، فجاء مصعب مع أسعد إلى محلة سعد بن معاذ فقعد على بئر من آبارهم، واجتمع إليه قوم من أحداثهم، وهو يقرأ عليهم القرآن، فبلغ ذلك سعد ابن معاذ، فقال لأسيد بن حضير وكان من أشرافهم: بلغني آن أبا أمامة أسعد بن زرارة قد جاء إلى محلتنا مع هذا القرشي يفسد شباننا، فائته وانهه عن ذلك فجاء أسيد (3) بن حضير فنظر إليه أسعد فقال لمصعب: إن هذا رجل شريف فإن دخل في هذا الامر رجوت أن يتم أمرنا، فاصدق الله فيه، فلما قرب أسيد منهم قال:
(١٠)