بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٧
من شأن يونس بن متى خر عداس ساجدا لله وجعل يقبل قدميه وهما تسيلان الدماء، فلما بصر عتبة وشيبة ما يصنع غلامهما سكتا، فلما أتاهما قالا له: ما شأنك سجدت لمحمد، وقبلت قدميه ولم نرك فعلته بأحد منا؟ قال: هذا رجل صالح أخبرني بشئ عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى يونس بن متى، فضحكا وقالا:
لا يفتننك عن نصرانيتك فإنه رجل خداع، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة.
قال علي بن إبراهيم بن هاشم: ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من الطائف و أشرف على مكة وهو معتمر كره أن يدخل مكة وليس له فيها مجير، فنظر إلى رجل من قريش قد كان أسلم سرا فقال له: ائت الأخنس بن شريق فقل له: إن محمدا يسألك أن تجيره حتى يطوف ويسعى فإنه معتمر، فأتاه وأدى إليه ما قال رسول الله، فقال الأخنس: إني لست من قريش، وإنما أنا حليف فيهم، والحليف لا يجير على الصميم، وأخاف أن يخفروا جواري فيكون ذلك مسبة (1)، فرجع إلى رسول الله فأخبره، وكان رسول الله في شعب حراء مختفيا مع زيد، فقال له: ائت سهيل ابن عمرو فاسأله أن يجيرني حتى أطوف بالبيت وأسعى، فأتاه وأدى إليه قوله، فقال له: لا أفعل، فقال له رسول الله: اذهب إلى مطعم بن عدي فاسأله أن يجيرني حتى أطوف وأسعى، فجاء إليه وأخبره، فقال: أين محمد؟ فكره أن يخبره بموضعه، فقال:
هو قريب، فقال: ائته فقل له: إني قد أجرتك، فتعال وطف واسع ما شئت، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وقال مطعم لولده وأختانه (2)، وأخيه طعيمة بن عدي: خذوا سلاحكم فإني قد أجرت محمدا، وكونوا حول الكعبة حتى يطوف ويسعى، وكانوا عشرة فأخذوا السلاح وأقبل رسول الله حتى دخل المسجد، ورآه أبو جهل فقال: يا معشر قريش هذا محمد وحده، وقد مات ناصره، فشأنكم به، فقال له: طعيمة بن عدي:

(1) يقال: هو من صميم القوم أي من أصلهم وخالصهم. وخفر فلانا وأخفره: نقض عهده وغدر به. والمسبة: السب.
(2) أختان جمع الختن: زوج الابنة. كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست