بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٨
يا عم لا تتكلم فإن أبا وهب قد أجار محمدا، فوقف أبو جهل على مطعم بن عدي فقال: أبا وهب أمجير أم صابئ (1)؟ قال: بل مجير، قال: إذا لا نخفر جوارك، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من طوافه وسعيه جاء إلى مطعم فقال:
أبا وهب! قد أجرت وأحسنت، فرد علي جواري، قال: وما عليك أن تقيم في جواري؟ قال: أكره أن أقيم في جوار مشرك أكثر من يوم، قال مطعم: يا معشر قريش إن محمدا قد خرج من جواري.
قال علي بن إبراهيم: قدم أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس في موسم من مواسم العرب وهما من الخزرج، وكان بين الأوس والخزرج حرب قد بقوا فيها دهرا طويلا وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار، وكان آخر حرب بينهم يوم بعاث، وكانت للأوس على الخزرج، فخرج أسعد بن زرارة وذكوان إلى مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس، وكان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة فنزل عليه فقال له: إنه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئناك نطلب الحلف عليهم، فقال له عتبة: بعدت دارنا من داركم، ولنا شغل لا نتفرغ لشئ، قال: وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ قال له عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله، سفه أحلامنا وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، فقال له أسعد: من هو منكم؟ قال:
ابن عبد الله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفا، وأعظمنا بيتا، وكان أسعد وذكوان و جميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم: النضير وقريظة وقينقاع أن هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة لنقتلنكم به يا معشر العرب فلما سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود، قال: فأين هو؟ قال:
جالس في الحجر، وإنهم لا يخرجون من شعبهم إلا في الموسم، فلا تسمع منه ولا تكلمه فإنه ساحر يسحرك بكلامه، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب فقال له أسعد: فكيف أصنع وأنا معتمر لابد لي أن أطوف بالبيت؟ قال: ضع في اذنيك القطن، فدخل أسعد المسجد وقد حشا أذنيه بالقطن، فطاف بالبيت ورسول الله

(1) صبأ فلان، إذا خرج من دين إلى دين آخر.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست