قد علم الله تعالى أنه صلى الله عليه وآله لا يفعل ذلك، ولا يخالف أمره لعصمته فما الوجه في الوعيد (1) فلابد من الرجوع إلى ما ذكرنا (2).
وقال البيضاوي: " أم يقولون " بل أيقولون " افترى على الله كذبا " افترى محمد بدعوى النبوة والقرآن (3) " فإن يشأ الله يختم على قلبك " استبعاد للافتراء عن مثله بالاشعار على أنه إنما يجتزئ عليه من كان مختوما على قلبه، جاهلا بربه، فأما من كان ذا بصيرة ومعرفة فلا، فكأنه قال: إن يشأ الله خذلانك يختم على قلبك لتجترئ بالافتراء عليه وقيل: يختم على قلبك: يمسك القرآن والوحي عنه، فكيف تقدر على أن تفتري، أو يربط عليه بالصبر فلا يشق عليك أذاهم (4) قوله تعالى: " واسأل من أرسلنا " قال الرازي والطبرسي: أي أمم من أرسلنا، والمراد مؤمنوا أهل الكتاب، فإنهم سيخبرونك أنه لم يرد في دين أحد من الأنبياء عبادة الأصنام، وإذا كان هذا متفقا عليه بين كل الأنبياء والرسل وجب أن لا يجعلوه سبب بغض محمد صلى الله عليه وآله، والخطاب وإن توجه إلى النبي صلى الله عليه وآله فالمراد به الأمة (5).
والقول الثاني: قال عطاء عن ابن عباس لما أسري بالنبي صلى الله عليه وآله إلى المسجد الأقصى بعث الله تعالى له آدم عليه السلام وجميع المرسلين من ولده عليهم السلام فأذن جبرئيل، ثم أقام، و قال: يا محمد تقدم فصل بهم، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من الصلاة قال له جبرئيل عليه السلام:
سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا الآية، فقال صلى الله عليه وآله: لا أسأل لأني لست شاكا فيه.
والقول الثالث: أن ذكر السؤال في موضع لا يمكن السؤال فيه يكون المراد منه