ذلك في صلاته، لأنهم كانوا يقربون منه في حال صلاته ويسمعون قراءته ويلغون فيها، وقيل: إنه صلى الله عليه وآله كان إذا تلا القرآن على قريش توقف في فصول الآيات فألقى بعض الحاضرين ذلك الكلام في تلك الوقفات، فتوهم القوم أنه من قراءة الرسول صلى الله عليه وآله، ثم أضاف الله ذلك إلى الشيطان لأنه بوسوسته يحصل أولا، أو لأنه سبحانه جعل ذلك المتكلم نفسه شيطانا، وهذا أيضا ضعيف لوجهين (1): أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان يجب على الرسول صلى الله عليه وآله إزالة الشبهة وتصريح الحق، وتبكيت ذلك القائل، وإظهار أن هذه الكلمة منه صدرت، ولو فعل ذلك (2) كان ذلك أولى بالنقل فإن قيل: إنما لم يفعل الرسول صلى الله عليه وآله ذلك لأنه كان قد أدى السورة بكمالها إلى الأمة دون هذه الزيادة، فلم يكن ذلك مؤديا إلى التلبيس كما لم يؤد سهوه في الصلاة بعد أن وصفها إلى اللبس قلنا: إن القرآن لم يكن مستقرا على حالة واحدة في زمن حياته، لأنه كان تأتيه الآيات فيلحقها بالسور، فلم يكن تأدية تلك السورة بدون هذه الزيادة سببا لزوال اللبس، وأيضا فلو كان كذلك لما استحق العقاب (3) من الله على ما رواه القوم.
الوجه الرابع: وهو أن المتكلم بهذا هو الرسول صلى الله عليه وآله، ثم إن هذا يحتمل ثلاثة أوجه: فإنه إما أن يكون قال هذه الكلمة سهوا، أو قسرا، أو اختيارا، أما الأول فكما يروى عن قتادة ومقاتل أنه صلى الله عليه وآله كان يصلي عند المقام (4)، فسها وجرى على لسانه هاتان الكلمتان (5)، فلما فرغ من السورة سجد وسجد كل من في المسجد، وفرح المشركون مما سمعوا، فأتاه جبرئيل عليه السلام فاستقرأه، فلما انتهى إلى الغرانيق قال: