بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٦٧
لما تلا هذه السورة في ناد غاص بأهله (1) وكان أكثر الحاضرين من قريش المشركين، فانتهى إلى قوله تعالى: " أفرأيتم اللات والعزى " وعلم من قرب من مكانه من قريش أنه سيورد بعدها ما يقدح فيهن قال كالمعارض (2) له والراد عليه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترجى: فظن كثير من حضر (3) أن ذلك من قوله صلى الله عليه وآله، واشتبه عليه (4) الامر، لأنهم كانوا يلفظون (5) عند قراءته صلى الله عليه وآله ويكثر كلامهم وضجاجهم طلبا لتغليطه وإخفاء قراءته، ويمكن أن يكون هذا أيضا في الصلاة لأنهم كانوا يقربون منه في حال صلاته عند الكعبة، ويسمعون قراءته ويلغون فيها، وقيل أيضا: إنه صلى الله عليه وآله كان إذا تلا القرآن على قريش توقف في فصول الآيات، وأتي بكلام على سبيل الحجاج لهم، فلما تلا:
" أفرأيتم اللات والعزى * ومنات الثالثة الأخرى " قال صلى الله عليه وآله: تلك الغرانيق العلى ومنها الشفاعة ترتجى؟ على سبيل الانكار عليهم، وأن الامر بخلاف ما ظنوه من ذلك وليس يمتنع أن يكون هذا في الصلاة، لان الكلام في الصلاة حينئذ كان مباحا، وإنما نسخ من بعد، وقيل: إن المراد بالغرانيق الملائكة وقد جاء مثل هذا في بعض الحديث فتوهم المشركون أنه يريد آلهتهم، وقيل: إن ذلك كان قرآنا منزلا في وصف الملائكة، تلاه الرسول صلى الله عليه وآله، فلما ظن المشركون، أن المراد به آلهتهم نسخت تلاوته، وكل هذا يطابق ما ذكرناه من تأويل قوله تعالى: " إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته " لان بغرور الشيطان ووسوسته أضيف إلى تلاوته صلى الله عليه وآله ما لم يرده بها، وكل هذا واضح بحمد الله (6) انتهى.
وقال القاضي عياض في الشفاء بعد توهين الحديث والقدح في سنده بوجوه شتى:

(١) غص المكان بهم: امتلأ وضاق عليهم.
(٢) في المصدر: وعلم من قرب مكانه منه من قريش أنه سيورد بعدها ما يسوؤهم به فيهن، قال كالمعارض.
(٣) في المصدر: كثير ممن حضر.
(٤) في المصدر: واشتبه عليهم.
(٥) يلغطون خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٦) تنزيه الأنبياء: ١٠٧ - 109.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390